تسارعت وتيرة الرسائل التي يتعمّد العدو الإسرائيلي توجيهها في أكثر من اتجاه، على خلفية إدراكه حجم التطوّر في قدرات حلف المقاومة، بدءاً من إيران وصولاً إلى حزب الله في لبنان والمقاومة في غزة، ولا سيما في ظلّ التحوّلات التي بدّدت رهاناته في غير ساحة. تأتي هذه الرسائل، أيضاً، في أعقاب توعّد طهران بالردّ على اغتيال رئيس «مركز البحوث العلمية» في وزارة الدفاع، محسن فخري زادة. ومع أنها تهدف إلى تعزيز الردع من خلال إعلان نجاح تجارب صاروخية، إلا أنها تعكس حجم القلق داخل مؤسّسة القرار الإسرائيلية من تطوّر القدرات الصاروخية لدى «أعدائها»، ودخولها مراحل جديدة مع أجيال الصواريخ الدقيقة والجوّالة والمسيّرات الهجومية، وهو ما يفرض على جيش العدو رفع مستوى جهوزيّته للتعامل مع هذا المستوى من التهديد على أنه حقيقة قائمة.
وتندرج الرسائل الإسرائيلية في سياقين: استراتيجي وظرفي. الأول يهدف إلى الإيحاء بأن إسرائيل في الطريق إلى إنتاج قدرات دفاعية تحاكي المستوى الذي ظهر حتى الآن لدى إيران وحلفائها، والذي يخشى العدو من أن يتبعه ارتفاع في مستوى الجرأة على المبادرة العملانية من موقع الابتداء أو الردّ، ما سيضعه أمام خيارات مفصلية. وفي السياق الثاني، تحاول تل أبيب ثني طهران عن الردّ، والقول لها إنها تستعدّ لمرحلة ما بعد الردّ بالردّ المتدحرج. وفي هذا الإطار تحديداً، يندرج ما صدر عن وزارة الأمن الإسرائيلية حول نجاح «سلسلة تجارب صاروخية غير مسبوقة» وصفتها بـ«التاريخية»، وبأنها مصمَّمة لمواجهة تهديدات متنوّعة عبر نظام متعدّد الطبقات يمثّل استجابة لأحدث التهديدات الناشئة في المنطقة.
البيان الإسرائيلي ادّعى أن الصواريخ المعترِضة تمكّنت من «اعتراض صواريخ وصواريخ كروز وطائرات بلا طيار ورشقة صواريخ دقيقة». واللافت في التجارب الإسرائيلية أنها دائماً ما توصف بـ«الناجحة والمفصلية»، ولا استثناءات في هذا المجال إلا ما كان صارخاً ولا يمكن نفيه. مع ذلك، تشكّل هذه التجارب وتباهي العدو بها أبلغ إقرار عملي بإخفاق رهانات واشنطن وتل أبيب على قطع الطريق على تعاظم هذا النوع من التهديدات، ومنع وصوله إلى حلف المقاومة. وتقول صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية إن الاختبار يأتي في أعقاب استخدام إيران «كروز» وطائرات مسيّرة لمهاجمة منشآت «بقيق» النفطية السعودية قبل عام. كما تروي تقارير إسرائيلية أن طهران أرسلت صواريخ باليستية إلى حلفائها في العراق وسوريا وحزب الله فضلاً عن الطائرات بلا طيّار.